الجمعة، 6 يناير 2012

وقت










ترحل سنة ، وتأتي أخرى .. يتغيّرُ الناس قليلاً ، أحياناً يتغيرون كثيراً ..


تفقدُ الدنيا -بحرُقة- بعضَ منْ مشوْا عليها ، وترقصُ فرحاً لرحيل آخرين ..


يثور البشر على بعضهم ، يختلفون ، يتقاتلون وَ يخطؤون .. وأحياناً يصيبون ..


تُشرقُ الشمسُ .. ويُزيحُ نورَها غيومٌ و أمطار ..


برْق .. و رعد .. دفءٌ ينبعثُ وسط كلّ هذا ..


تستمرّ الحياة بصعابها ، بمنعطفاتها وَ تناقضاتها ..


بكرمها ، وبظلمها كما يظنّ البعض ..


كلّ هذا يحدث ، وأنا قابعٌ هناك .. بعيداً بعيداً ..


أرقُبُ طلّتكِ .. ابتسامَتكِ .. حديثكِ البلّوري الشفّاف ..








تدور الأرضُ كما اعتادت أن تدور ، و تهيجُ البحار ، ويأفلُ النور .. ويسكنُ الليل .. وأنا لا أفقهُ إلا قانونَ غيابك!


يأتي سبتٌ ويلحقُهُ أحدٌ .. وتمضي "جمعة" دونَ أنْ أحرّكَ ساكناً .. يبكي التقويمُ أوراقَ أيّامه ، وتشكو العقاربُ دقاتِ الثواني والدقائق ..


كلّ هذا يحدث ، وأنا قابعٌ هناك .. بعيداً بعيداً ..








يبكي طفلٌ ويلعبُ آخر .. تحيكُ الأمُ شالاً ، وتطبخُ الأخرى عشاءً ..


تجمعُ النحلةُ رحيقاً ، ويقطفُ العاشقُ زهرةً ..


يشكي المظلومُ ربَّه .. وَ ينامُ الظالمُ في جنّةِ دنياه ..


ينفثُ المقهورُ دخانَ لفافته .. وَ يمسحُ الصديقُ دمعةَ رفيقه ..


يعيشُ الناسُ أفراحهم وأحزانهم ، ويطبقّونَ أدوارهُم بكل إتقان ..


كل هذا يحدُث .. وأين أنا ؟


كعادتي .. أبقى هناكَ .. بعيداً ، وربّما وحيداً ..












ترحلُ السنة ، وتأتي الأخرى .. يموتُ الظالمُ ويحيى الشهيدُ ..


تثور الدنيا ، و تتغيّر المفاهيمُ والأقوال .. ينقلبُ السحرُ على الساحر ، ويأبى الأرنبُ إلا أن يعتمر القبّعة ..


كل هذا الجنونُ يحدث .. وأبقى أنا ها هنا ..


وتبقين أنتِ ، مفكّرتي .. وأجندتي .. تبقينَ أيامي الطويلة المملة ، وصيفي الدافئ ، وشتائي الحارق ..


تحتكرينَ كلّ ما أعرف ، وكلّ ما أحبّ ..


تجسّدين الصبحَ والعصفورَ والأوراق والأقلام في معجمي .. وقواميسي ..


أنتِ البروازُ والصورة .. و الرحلةُ والوجهة .. والمفرّ و المنفى ..


أنتِ التعبُ ، والراحة .. والدواء المرّ الشافي ..


كل هذا .. أنتِ .. وحدكِ أنتِ !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق